فيديوهات الرهائن والتعتيم الاسرائيلي عليها:كيف يمكن فهمها؟
يمثل التداول الكثيف للفيديوهات التي توثق لحظة إطلاق سراح المحتجزين لدى "حماس" في وسائل التواصل الاجتماعي، تعويضاً عن تعتيم الاعلام الموالي للاحتلال على تلك "اللحظات الانسانية"، ووصلت مساعي التعتيم فيها الى مواقع التواصل التي تحظر أي تداول، حتى لو كان خبرياً من دون أي احتفال بالخطوة، وذلك في مسار للحفاظ على "البروباغندا الاسرائيلية" التي تلقت ضربة موجعة في 24 تشرين الاول/أكتوبر الماضي مع إطلاق سراح الاسرائيلية الأولى يوشيفيد ليفشيتز والتي عرفت بمصافحة اليد، وشكلت كلمتها، التي أشادت فيها بالمعاملة الانسانية لـ"حماس" في أول مؤتمر صحافي من هذا النوع، ضربة "للبروباغندا الاسرائيليّة".
منذ ذاك الحين، لم يُنظّم أي مؤتمر صحافي من هذا القبيل، إذ ثمة قيود مفروضة من قبل الحكومة الاسرائيلية لمنع المحتجزين المحررين من إدلاء شهاداتهم أمام وسائل الاعلام بهذا الشكل الواضح، من دون تسجيل أو تعديل، مما دفع البعض منهم للبحث عن وسائل أخرى للتعبير عن امتننانهم، وكان آخرها رسالة دانييل ألوني التي كانت محتجزة برفقة ابنتها في غزة، وقد شكرت في رسالتها "حماس" على المعاملة الطيبة لهن أثناء الأسر.
وكان الإعلام الاسرائيلي قد استغل قضية الرهائن للحصول على التعاطف الدولي من خلال الاضاءة على وحشية "حماس"، إما من خلال الترويج لمزاعم اغتصاب الرهائن، والتي نفت احداها شاني لوك والدة رهينة المانية ادعى الجيش الاسرائيلي أنّها تعرضت للاغتصاب، أو قطع رؤوس الرهائن والتنكيل بهم، وصولاً الى طلب المدارس الاسرائيلية من الأهل حذف صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لأطفالهم كي لا يشهدوا على هذه المجازر الشنيعة.
والحال أن ملف الأسرى ليس تفصيلاً بسيطاً في هذه المعركة، فقد قابلت المزاعم الاسرائيلية المتنامية رواية أخرى على لسان المحتجزين أنفسهم كان أولها فيديو مصور للإسرائيلية من أصول فرنسية ميا شيم وهي تخضع للعناية الطبية من قبل "حماس"، والتي أطلق سراحها الاربعاء الماضي. تنوعت اللقطات التي يراها محللون اسرائيليون بأنّها تظهر"إنسانية" حماس، فجاءت على شكل تصرفات عفوية لا يمكن لها أن تحصل تحت الضغط، كمثل حمل مقاتلي حماس امرأة عجوز، وجر طفل ليصعد الى السيارة، ومرافقة فتاة تحمل كلبها، وظهور أسيرة وهي تحمل كيساً يبدو أنّه يحتوي على أدوية وغيرها من اللقطات التي تخشى اسرائيل من تأثيرها في صفوف الاسرائيلين الذين ما توقفوا عن انتقاد لامبالاة نتنياهو بالأسرى وخصوصاً بعدما تداول الاعلام الاسرائيلي موقف نتنياهو الذي رفض في البدء صفقة تبادل الأسرى. ووصل الأمر بإحدى الأسيرات الاسرائيليات حد رفض طلب نتنباهو لمقابلتها.
بشكل عام، قد تكون الرهينة المحررة مجبرة بحكم الخوف على تقديم الطاعة حتى انتهاء عملية التسليم، ولكن هذا الحال لا يمكن إسقاطه على المحتجزين الاسرائيليين الذين أطلقوا العنان لعواطفهم التي أتت على شكل وداع وامتنان وشكر، حيث تكرر مشهد المصافحة مرة أخرى مصاحبة بتحية يد وابتسامة.
ومع خروج أصوات إسرائيلية تنتقد قيام الجيش الاسرائيلي بقتل مدنييه في احدى مستوطنات غلاف غزة، مثبتة ذلك بفيديوهات لبيوت مستهدفة، بالاضافة الى شهادات لجنود من الجيش الاسرائيلي حول المباشرة بإطلاق النار من دون معرفة ما اذا كان المدنيون إسرائيليين في الأساس، ينسحب ذلك الفعل العشوائي أيضاً على مقتل عدد من الرهائن المحتجزين لدى "حماس" بغارات اسرائيلية على القطاع بحسب ما روت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس". وكانت الأخيرة قد حذرت الجيش الاسرائيلي من أنّ القصف قد يودي بحياة الرهائن قبل أن تعلن لاحقاً عن مقتل عدد منهم.
تدفع هذه الازدواجيَة للتساؤل أولاً، عن مدى تواطؤ إسرائيل بقتل المدنيين (شعبها)، وعدم اكتراثها بحياة الرهائن مع توالي غاراتها على كامل غزة على الرغم من تيقنها باستحالة أن يتم نقل الرهائن الى مكان خارج القطاع. وثانياً، مدى انخراط "حماس" بقتل الرهائن الذين أثبتت صورهم وشهاداتهم أنّهم عوملوا بشكل جيد، وأن قيام "حماس" باختطافهم ليس بهدف قتلهم، وإنما لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني عن طريق التلويح بقضية الاسرى كورقة ضغط.
هذه التساؤلات تثير انقساماً في صفوف الاسرائيليين يصعب التعامل معه من قبل الحكومة الحالية وأعضائها بعد أن ثارت الشكوك حول امكانية ضلوع الجيش الاسرائيلي بقتل مدنييه.
اللافت هو انتشار الفيديو الذي نشرته "كتائب القسام" للمحتجز الاسرائيلي ياردن بيباس، وهو يلوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقتل زوجته وطفليه في غارة جويّة، يوم الخميس أي اليوم الذي انتهت فيه الهدنة من دون أن تمدد لمرة أخرى. ويدفع توقيت النشر للاعتقاد بأن "حماس" تريد الضغط من أجل تمديد الهدنة ولاستمرار في مبادلة المحتجزين والأسرى فيما إسرائيل لا تكترث باستكمال هذا التبادل وإن أدت عملياتها العسكرية الى قتل المدنيين منهم.
تم نشر رسالة مرئية من قبل حماس بواسطة الأسير الصهيوني ياردن بيباس، الذي قُتلت زوجته شيري وطفلاه كفير وأرييل بقصف الاحتلال.يشكو #ياردن إلى #نتنياهو. عرضت المقاومة تسليم الجثث الثلاثة، لكن إسرائيل رفضت استلامها. pic.twitter.com/T6XtroSJwH
— khadija abo khadra (@kkhadra) November 30, 2023
كلمات دلالية: حماس الاسرائيلي الرهائن الى المحتجزين الجيش قبل الاسرائيلية |
|
|